ألقى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز نائب وزير البترول والثروة المعدنية في مؤتمر صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل يرحمه الله (سعود الأوطان)، صباح هذا اليوم الأثنين 18/7/1437هـ الموافق 25/4/2016م، كلمة شكر فيها صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل على دعوته للمشاركة في هذا المؤتمر ، في الجلسة التي أدراها سموه بمشاركة معالي الأستاذ محمد أبا الخيل، ومعالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، ومعالي الدكتور عبدالله بن إبراهيم القويز، بعنوان: (سعود الفيصل: مسيرة علمية ومهنية- الرؤية الاقتصادية)، مؤكدًا تشرفه بإدارة هذه الجلسة: " عن أحد أبرز رجال السياسية في العالم، صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل – يرحمه الله – وزير الخارجية لأربعين عامًا، ووكيل وزارة البترول والثروة المعدنية، الذي تعلمت منه الكثير في مجال العمل والتعامل الإنساني مع الآخرين ".
وافتتح صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز هذه الجلسة ببيت من الشعر:
" قد ماتَ قومٌ وما ماتت مكارِمُهم
وعاشَ قومٌ وهُم في الناسِ أمواتُ
هكذا قال الإمام الشافعي، كما لو كان يصف الفقيد، صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، الذي رحل - يرحمه الله -، لكنه باقٍ في ذاكرة هذا الوطن، وفي وجدان العالم العربي والعالمي، فصوته الحاسم، وإشاراته الذكية، وسرعة بديهته، وتصرفاته المسؤولة، شاهدة على تفرده واختلافه، وذلك منذ تخرجه من جامعة برنستون في الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٦٤، وانخراطه في العمل الحكومي مستشارًا اقتصاديا بمكتب وزير البترول والثروة المعدنية، وحتى براعته اللافتة في قيادة الدبلوماسية السعودية في الخارج، ومنح المملكة صوتًا متفردًّا وقويًّا في المحافل الدولية.
هذا الرجل العظيم، صنع صوته اللافت على مستوى العمل السياسي العربي والإقليمي، بل والدولي، من رحلة عمل طويلة وشاقَّة، ارتكزت على محورين مهمين، هما البترول والخارجية، بالإضافة إلى ترؤسه اللجنة الدائمة بالمجلس الاقتصادي الأعلى، ففي المحور الأول، قطاع البترول، شهد خلال فترة عمله فيه، قفزات مهمة على مستوى المملكة، حيث أسهم سموه بشكل بارز في المباحثات مع شركة الزيت العربية الأمريكية، وفي مطالبة الشركة بالاستفادة من الغاز الذي كان يحرق، أو بتسليمه للحكومة لاستعماله، وحين قررت الحكومة بناء شبكة رئيسة لتجميع ومعالجة ونقل الغاز المرافق، رأى سموه تكليف شركة أرامكو لما تتمتع به من خبرة، وكان رأيه سديدًا ".
وأضاف صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان في كلمته قائلاً: "معظمكم هنا يعرف سعود الفيصل، رجل السياسة المحنك، لكنه لا يعرف سعود الفيصل الاقتصادي الخبير، الذي أمضى زهرة شبابه في اجتماعات منظمة الأوبك، ومنظمة الأوابك، وشارك في اجتماعات وزراء البترول العرب عام ١٩٧٣، التي تقرر فيها خفض الإنتاج البترولي، وحظر تصدير البترول لبعض الدول.
كما أسهم سموه في المباحثات والمفاوضات مع شركات البترول العالمية في مختلف الدول، سواء فيما يخص زيادة الأسعار أو المشاركة فيها، بعدما أصدرت أوبك قرارًا يقضي باتخاذ الدول الأعضاء خطوات فورية نحو تنفيذ قرار المشاركة في امتيازات البترول. كما شارك سموه في جولات طويلة، ومناقشات موسعة من المفاوضات، مع الشركات الأمريكية الأربع، التي كانت تمتلك أرامكو، تنفيذا لرغبة الحكومة بالسيطرة على مواردها البترولية، وأن تمتلك أرامكو بالكامل، الذي تحقق منذ الأول من يناير ١٩٧٦م".
وتطرق صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز إلى الدور الاقتصادي المهم للفقيد الأمير سعود الفيصل بقوله: " قد لا يسمح الوقت عند تقديم هذه الندوة للحديث بتوسع عن الدور الاقتصادي لهذا الرجل البارز، بالذات في مجال البترول، وهو المجال الذي يتقاطع، ويتداخل كثيرًا مع المحور الثاني، وهو محور العمل السياسي، والعلاقات الدولية الخارجية، التي قادها بنجاح وحكمة في كثير من الأزمات السياسية منذ سبعينات القرن الماضي، وعلى مدى أربعة عقود، لكنني سأشير باختصار عن الاجتماعات التي جمعتني بسموه، سواء عند ترؤسه اللجنة الوزارية المشرفة على مبادرة البترول والغاز، أو ترؤسه اللجنة الوزارية المشرفة على انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، حيث كان يمتلك رأيًا عميقًا خلال النقاش، يعتد برأيه، ويعمل على إقناعنا، ولو تبين له خلاف ذلك، فهو يمتلك الشجاعة للتراجع عن هذا الرأي، وتبني الرأي الآخر، لقد تعلمت منه الكثير، في التأني والصبر والحكمة، كان بالنسبة لي ملهمًا في فن التفاوض والنقاش، في دراسة الموضوع من كافة جوانبه، قبل الجلوس على طاولة التفاوض، من أجل الوصول إلى رؤية شاملة ودقيقة لما سيناقشه، تعلمت منه الدقة في العمل، والإخلاص في تنفيذ المهام الموكلة لي، وإنجازها على أكمل وجه. كان سندًا لي في الداخل والخارج في إنهاء إعادة التفاوض في معظم المواضيع الشائكة، كموضوع الانضمام لمنظمة التجارة العالمية. كان سموه - يرحمه الله - مدرسة في دراسة الموضوع واتخاذ القرار المناسب، وفي الوقت المناسب، ويتميز بنظرته لموضوع النقاش من أكثر من زاوية، لما يمتلكه من وعي سياسية عميق، ورؤية اقتصادية متزنة " .
وفي ختام تقديمه للجلسة قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز نائب وزير البترول: " لعلي أعتذر لكم، عن سرقة الوقت المعد للمشاركين في هذه الندوة، لكن يصعب أن أشارك في إدارة هذا الحوار، دون كلمة حق في رجل عمل نحو نصف قرن مخلصًا لوطنه، مدافعًا على مواقف بلاده بمسؤولية وحكمة، فما رأيته من إخلاص هذا الرجل وأمانته وصدقه، يوجب عليَّ قول الحق، تأسيًّا بقوله تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون).